خطبة عن قضاء حوائج الناس
خطبة عن قضاء حوائج الناس التي هي واحدة من أفضل الصفات في الدين الإسلامي، فقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم والأمة الإسلامية على التحلي بها، فقد كان رضوان الله عليه يسعى لقضاء حوائج الناس وهو خير مثال يقتدي به في ذلك، ولأهمية هذه الصفة لابد من تذكير الناس بها في خطبة خاصة للتعرف على فضلها والعديد من الأمور الأخرى التي تدور حولها.
خطبة عن قضاء حوائج الناس
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه أجمعين، الحمد لله الذي قال في كتابه الحكيم ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ في الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـاتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً)، أما بعد… أوصيكم وأوصي نفسي أيها الأحباب بتقوى الله عز وجل، والحرص على قضاء حوائج الناس، فهذه خطبتنا لهذا اليوم.
عناصر الخطبة
هناك ثلاثة عناصر أساسية تتكون منها خطبة عن قضاء حوائج الناس، والتي سيتم التحدث عنها اليوم، وهي:
أولا: فضل قضاء حوائج الناس.
ثانيًا: ثمرات قضاء حوائج الناس.
ثالثًا: نماذج مشرفة لقضاء حوائج الناس.
أولا: فضل قضاء حوائج الناس.
أول عنصر هام في خطبة عن قضاء حوائج الناس هو فضل قضاء حوائج الناس، عباد الله أقول لكم أن أفضل العبادات التي تقرب بين العبد وربه، ويحصل العبد من خلالها على محبة الناس من حوله قضاء حوائج الناس، ومساعدتهم عند الغربة في ذلك، والرسول الكريم هو أعظم من تحدث عن أهمية ذلك، فكان يقضي حوائج الناس من حوله، ولهذا ضرب فيه أروع الأمثال سواء قبل البعثة أو بعدها، فقد قالت السيدة خديجة فيه لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ؛ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ؛ وَتَقْرِي الضَّيْفَ؛ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ).
وقد حث الرسول الكريم الصحابة رضوان الله عليهم أن يتحلوا بهذه الصفة، فعَنْ أَبي هُريرة رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ؛ تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ , وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ”.( متفق عليه) .، والعديد من الأحاديث الأخرى التي تشير إلى ذلك.
عباد الله ما أجمل أن يعيش الإنسان حياته وهو يسعى لقضاء حوائج الناس، ويسعى لتفريج كروبهم وهمومهم فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ؛ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ؛ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِِ”.(متفق عليه) .
ويوجد العديد من النصوص والأحاديث المتنوعة التي تشير إلى أهمية وفضل القيام بذلك، فالمسلمين جميعًا مثل الفرد الواحد في جسد واحد، تفرح كل الأعضاء لفرحته، وتحزن لحزنه أيضًا، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم).
ثانيًا: ثمرات قضاء حوائج الناس
العنصر الثاني في خطبة عن قضاء حوائج الناس، عباد الله اعلموا جميعا أن من يقضي حوائج الناس ويفرج عنهم همومهم يقضي الله تعالى عنه حوائجه وييسر له جميع حوائجه، فهذه أعظم وأول ثمرة من ثمرات قضاء حوائج الناس.
الثمرة الثانية: أن بذل المعروف وفعل الخير من أعظم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى في ذلك ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج.
الثمرة الثالثة: أن الذي يسعى لإعانة الناس ويقضي حوائجه سوف يوفقه الله تعالى في أموره، وفي ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم :(.. وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ..) رواه مسلم.
الثمرة الرابعة: من يقصي حوائج الناس يتجاوز الله تعالى عنه يوم القيامة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (كانَ تاجِرٌ يُدايِنُ النّاسَ، فإذا رَأى مُعْسِرًا قالَ لِفِتْيانِهِ: تَجاوَزُوا عنْه، لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَتَجاوَزَ عَنّا، فَتَجاوَزَ اللَّهُ عنْه) رواه البخاري..
الثمرة الخامسة: أنها من أعظم القروبات والعبادات التي تقرب العبد من ربه عز وجل فعَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَبي ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْراً، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) رواه الطبراني في الأوسط).
الثمرة السادسة: من يقضي حوائج الناس يجد بركة في وقته وفي عمله، وييسر الله تعالى له جميع الأمور التي يقوم بها، فهي سبب من أسباب تفريج كربه في الدنيا والآخرة، قال ﷺ:(..وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..) رواه مسلم.
الثمرة السابعة: أنها أيضًا من ابرز واهم الأسباب لدخول الجنة، قال ﷺ لقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ، في شَجَرَةٍ قَطَعَها مِن ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كانَتْ تُؤْذِي النّاسَ) رواه مسلم.
الثمرة الثامنة: من يقضي حوائج الناس سيأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، فقد جاءَ في صحيحِ مسلمٍ أنَّ النبيَّ- عليه الصلاةُ والسلامُ -قال: “مَن سرَّهُ أنْ ينجيَهُ اللهُ مِن كربِ يومِ القيامةِ فلينفسْ عن معسرٍ أو يضعْ عنه”.
الثمرة التاسعة: قضاء حوائج الناس من ابرز أسباب وحدة المجتمع، فقد روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ ﷺ قال: ((إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ.))؛ (البخاري))
ثالثًا: العنصر الأخير في خطبة عن قضاء حوائج الناس نماذج مشرفة لقضاء حوائج الناس
العنصر الثالث في خطبة عن قضاء حوائج الناس , عباد الله هناك العديد من النماذج المشرفة التي كانت تسعى لقضاء حوائج الناس، وتسعى لنشر التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع، ومن بين تلك الصور ما يلي:
الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: فهو أفضل مثل يقتدي به المسلم في حياته، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتِ الصَّلاَةُ تُقَامُ، فَيُكَلِّمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ فِي حَاجَةٍ تَكُونُ لَهُ، فَيَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَمَا يَزَالُ قَائِمًا يُكَلِّمُهُ، فَرُبَّمَا رَأَيْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ لَيَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ.( أحمد والطبراني والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح).
فالبرغم من أن الصلاة قد أقيمت، وبدأ الصحابة بالاصطفاف خلفه، إلا أنه يقوم بقضاء الحوائج مهما بلغ وقت الوقوف، فقد ينعس أحدهم من كثرة الوقوف.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أبو بكر الصديق من أروع الأمثلة التي يجب ذكرها في خطبة عن قضاء حوائج الناس، فما كان يفعله رضي الله عنه لا يفعله أحد غيره، فقد كان يسير وراء امرأة عمياء في المدينة حتى يقضي لها حاجتها، وكان يحلب الأغنام لأهل الحي ولكل محتاج، وكان يظن أهل الحي، وقالت امرأة من أهل الحي بعد أن سمعت أنه تولى الخلافة وأصبح أمير المؤمنين: الآن لا يحلبها، فسمع بذلك أبو بكر رضي الله عنه فقال: بلى، وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو خير مثال لذلك أيضًا، فقد كان يسعى لقضاء حوائج كبار السن والأرامل والمقعدين تطوعًا، فقد روى أبو نُعيم أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه خرج في سواد الليل فرآه طلحة، فذهب عمر فدخل بيتاً ثم دخل آخر، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة، فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟ قالت: أنه يتعاهدني منذ كذا وكذا يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني الأذى، فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة أعثرات عمر تتبع؟!
عثمان بن عفان رضي الله عنه: كان هدفه رضي الله عنه السعي لقضاء حوائج الناس حتى يدخل الجنة، ” فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يشتري بئر رومة يوسع بها على المسلمين وله الجنة ؟ قال: فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من يهودي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وسبلها للمسلمين؛ وكان اليهودي يبيع ماءها .
أيها المسلمون: ما أحوج البشرية إلى كل هذه المعاني الإسلامية الرائعة، فقد اشتدت حاجة الناس في هذا العصر على وجه الخصوص، الذي قلت فيه الرحمة، فبالرغم من سماع الكثير لصرخات الأطفال، وكلمات الضعفاء، إلا أنه لا يسمع فيه إلا صوت القوة، وطغى في الأرض الفساد، وقال قائلهم: ” إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب “، و ” إن لم تجهل يُجهل عليك “، و ” إن لم تتغدَ بِزَيدٍ تعشَّى بك “.
أيها المسلمون أذكركم ونفسي أيضًا بالإكثار من الأعمال الصالحة والحرص على قضاء حوائج الناس، فإن ذلك يؤدي إلى التعاطف والتراحم بين الناس، كما أنها من أهم أسباب الفوز في الدنيا والآخرة.
في نهاية خطبة عن قضاء حوائج الناس أسال الله لنا ولكم أن يكتبنا من أهل الخير، وأن يجعلنا سبب للخير في الحياة، وسبب للتخلص من الشر، وأن يجعل بلادنا أمنه مستقرة وجميع بلاد المسلمين.
تعتبر خطبة عن قضاء حوائج الناس من الخطب المهمة التي يجب التحدث عنها لتذكير الناس بها، وبأهمية التحلي بها، وكيف كان الرسول الكريم والصحابة رضوان الله عليهم يسعون لقضاء حوائج الناس، فهذه الصفة من أعظم وأفضل الصفات التي يتحلى بها المسلم في حياته.
الأسئلة الشائعة
والآن سوف نقدم لكم بعض الأسئلة الشائعة حول موضوع خطبة عن قضاء حوائج الناس:
أجمل ما قيل في قضاء حوائج الناس؟
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” – رواه مسلم.
من أقوال الإمام علي في قضاء حوائج الناس؟
يقول الإمام علي (عليه السلام): “لا يستقيم قضاء الحوائج إلَّا بثلاث: باستصغارها لتعظم، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنأ”().
أجمل ما قيل في قضاء حوائج الناس تويتر؟
“إنّ في قضاء حوائِج الناس لذة لا يَعرفها إلا من جربها.! فافعل الخير مهما استصغرته فإنكَ لا تدري أيُ حسنة تُدخِلك الجنة.”.
المصادر
الوسوم
- فضل قضاء حوائج الناس
- حديث عن مساعدة الآخرين
- بركة قضاء حوائج المسلمين
- سيرة الصحابة في مساعدة المحتاجين
- احاديث عن التعاون
- خطبة عن قضاء حوائج الناس