طلع البدر علينا كلمات

ننوه إلى أن انشودة طلع البدر علينا مكتوبة للسنة الخامسة ابتدائي بالفعل.. أما بالنسبة لقائلها، فإن هناك روايتين لهذا الأمر؛ إحداهما ضعيفة والأخرى أكثر قوة.. وفيما يأتي نذكر أهم ما يخص هاتين الروايتين.

تقول الرواية الأولى إن مديح طلع البدر علينا من ثنيات الوداع جاء في الأصل من كلمات قالها نساء المدينة المنورة وصبيانهم موجَّهةً إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة.. وهي من الروايات الأكثر شهرة في هذا الصدد، وقد تم ذكرها بالاستناد إلى حديث عن عبيد الله بن عائشة أنه قال: «لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جعل الولائد يقلن طلع البدر علينا من ثنية الوداع * وجب الشكر علينا ما دعا لله داع».

يؤسفنا القول إن هذا الاعتقاد خاطئ؛ فالرواية المذكورة والحديث المستنَد عليه هو من الأحاديث التي تتصف بضعف سندها.. إضافةً إلى ذلك، لم يتم الحصول على رواية صحيحة وقوية بخصوص توجيه هذه الأنشودة إلى الرسول لاستقباله في المدينة المنورة.

تقول الرواية الثانية، والتي تبناها ابن القيم، إن الاعتقاد السابق خاطئ؛ حيث إن ثنيات الوداع لا يمكن المرور بها إلا عند التوجه إلى الشام.. وبدلاً من ذلك، فإن أنشودة طلع البدر علينا كاملة لم يتم ذكرها إلا في وقت رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك.. ذلك الأمر الذي وقع بالتحديد خلال العام التاسع من الهجرة.. وهو الأمر الذي يختلف عن مقصد الرواية الأولى التي تدّعي ذكر الأنشودة وقت الهجرة بالتحديد.

اعتمد ابن القيم في تبني هذا الرأي على كل مما يأتي:

• ضعف الإسناد الخاص بالرواية المذكورة عن عبيد الله بن عائشة، والتي تذكر بأن الأنشودة قيلت من أهل المدينة للرسول صلى الله عليه وسلم أثناء اتجاهه إليهم قادمًا من مكة.
• قوة الرواية المذكورة من قِبل البخاري، والتي تذكر أن أهل المدينة قد قاموا فعلاً باستقبال الرسول عند ثنيات الوداع عندما كان -صلى الله عليه وسلم- عائدًا من غزوة تبوك.

على الرغم من أن الرواية القوية التي تم ذكرها من قِبل البخاري لم تذكر -بشكل مباشر- أن الاستقبال اشتمل على أنشودة طلع البدر علينا كلمات أو ألحان، إلا أن ابن القيم قد قام بجمع قوة هذه الرواية مع ضعف رواية عبيد الله بن عائشة ليصل إلى رواية هي الأقوى بخصوص هذه الأنشودة.